في خطوة علمية واعدة قد تغير مستقبل علاج سرطان الأطفال، كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، عن إمكانية تحسين فرص الشفاء من أحد أخطر أنواع السرطان التي تصيب الأطفال، وهو الورم الأرومي العصبي، وذلك من خلال استخدام عقار متوفر بالفعل في الأسواق يُدعى “TETA” أو ثلاثي إيثيلين تيترامين.
يُعد الورم الأرومي العصبي من السرطانات النادرة التي تتطور من خلايا عصبية غير ناضجة، وغالبًا ما تنشأ في الغدد الكظرية أو حولها، وهو الأكثر شيوعًا لدى الأطفال دون سن الخامسة. إلا أن خطورته تكمن في كونه يصعب علاجه بالطرق التقليدية، إذ لا تتجاوز معدلات البقاء على قيد الحياة 10% فقط.
كيف يعمل العقار على مواجهة المرض؟
وفقًا للدراسة، يعمل عقار TETA على آليتين رئيسيتين لتحسين استجابة الجسم للعلاج المناعي:
- تقليص حجم الأورام: العقار يقوم بنقل النحاس إلى الخلايا المناعية، مثل النيوتروفيلز وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا محوريًا في مكافحة العدوى والخلايا السرطانية.
- تعزيز المناعة: يساعد العقار الجهاز المناعي على استعادة قوته ليتمكن من مهاجمة الورم بشكل أكثر فاعلية.
الأستاذ المساعد أورازيو فيتوريو، الباحث الرئيسي في الدراسة، أشار إلى أن العقار له تأثير مزدوج فريد من نوعه؛ إذ يساهم في إضعاف الورم وتعزيز قوة جهاز المناعة، مما يرفع من فعالية العلاج المناعي الحالي ويزيد معدلات النجاة من المرض إلى ما يقارب 50%، وهو إنجاز كبير بالنظر إلى التحديات التي يفرضها هذا النوع من السرطان.
فائدة إضافية: تكلفة أقل وسرعة في العلاج
أكدت الدكتورة جوردين روان، المعدة الرئيسية للدراسة، أن إعادة استخدام عقار موجود بالفعل يمثل تطورًا مهمًا في علاج الأورام السرطانية، حيث يمكن من خلاله تقليل الوقت والتكاليف التي تتطلبها عملية تطوير أدوية جديدة من الصفر. وصرّحت قائلة:
“العقار لم يظهر آثارًا جانبية مقلقة حتى الآن، وهو عامل مشجع لتحسين جودة الحياة للأطفال المصابين بالورم الأرومي العصبي دون التسبب بمزيد من المضاعفات الصحية”.
الورم الأرومي العصبي: نظرة شاملة
يُصنف الورم الأرومي العصبي كأحد أكثر السرطانات تعقيدًا، حيث ينشأ بسبب خلل في نمو الخلايا العصبية. وفي حين أن المرض يظهر في معظم الحالات لدى الأطفال الصغار، فإن الاكتشاف المبكر له قد يكون صعبًا بسبب الأعراض غير الواضحة التي ترافقه، مثل فقدان الوزن أو الشعور بآلام في البطن.
آفاق مستقبلية
تسلط نتائج هذه الدراسة الضوء على أهمية البحث المستمر في إعادة استخدام الأدوية الموجودة لعلاج أمراض مزمنة وصعبة مثل السرطان. ويبدو أن عقار TETA يحمل في طياته أملًا جديدًا للأطفال وعائلاتهم، بفضل فعاليته وغياب الآثار الجانبية الخطيرة.
وفي الختام، يظل التقدم العلمي خطوة رئيسية نحو تطوير علاجات أكثر فاعلية وإنقاذ أرواحٍ كثيرة، ما يفتح الباب لمستقبل أكثر إشراقًا للأطفال المصابين بهذا المرض النادر.