كشفت دراسة حديثة عن نتائج مشجعة تشير إلى أن تناول الشوكولاتة الداكنة بانتظام قد يسهم في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وهو من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا حول العالم. وجاءت هذه النتائج بعد تحليل معمق للبيانات الصحية لمئات الآلاف من الأفراد على مدى سنوات طويلة، ما يضفي على الدراسة مصداقية وأهمية كبيرة.
اختلاف أنواع الشوكولاتة وتأثيرها على السكري
تؤكد الدراسة أن العلاقة بين تناول الشوكولاتة وخطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني كانت مثيرة للجدل سابقًا، ولكن الجديد هنا هو تسليط الضوء على تأثير نوع الشوكولاتة المستهلكة. أوضح الباحثون أن الشوكولاتة الداكنة، مقارنة بالشوكولاتة بالحليب أو البيضاء، تحتوي على مستويات أعلى من الكاكاو مع كميات أقل من السكر والحليب، وهي مكونات تلعب دورًا مهمًا في تأثير الشوكولاتة على الصحة.
الكاكاو النقي الموجود في الشوكولاتة الداكنة غني بمضادات الأكسدة مثل “الفلافونويد”، التي تعزز صحة القلب وتحسن حساسية الأنسولين، وهو ما قد يفسر انخفاض خطر الإصابة بداء السكري. وعلى العكس، الشوكولاتة بالحليب والبيضاء تحتوي على نسب أعلى من السكريات والدهون المشبعة، ما قد يزيد من مستويات السكر في الدم ويؤثر سلبًا على التمثيل الغذائي.
تفاصيل الدراسة وتحليل البيانات
اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على بيانات مأخوذة من ثلاث دراسات طويلة المدى شملت أكثر من 192 ألف شخص، بينهم 111 ألفًا تناولوا أنواعًا مختلفة من الشوكولاتة. وتمت مراقبة المشاركين على مدار 25 عامًا، حيث تم تحليل استبيانات تتعلق بتكرار تناول الطعام ونوع الشوكولاتة المفضلة لديهم.
من بين المجموعة التي تمت مراقبتها، سُجلت إصابة نحو 18 ألف شخص بمرض السكري من النوع الثاني، وهو مرض ينشأ عندما يعجز الجسم عن استخدام هرمون الأنسولين بشكل فعال، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
نتائج مثيرة للاهتمام
أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا ما يقارب 28.3 غرامًا من الشوكولاتة الداكنة (ما يعادل مربعين إلى ثلاثة مربعات) خمس مرات أسبوعيًا، كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 10% مقارنة بمن لم يتناولوا الشوكولاتة مطلقًا أو تناولوا الشوكولاتة بشكل نادر.
هذه النتائج تبرز أهمية اختيار نوع الشوكولاتة بعناية للاستفادة من فوائدها الصحية. فالاعتدال هو مفتاح الاستفادة من الشوكولاتة الداكنة، التي يمكن دمجها بسهولة في نمط غذائي صحي.
فوائد إضافية للشوكولاتة الداكنة
إلى جانب دورها المحتمل في الوقاية من السكري، تتمتع الشوكولاتة الداكنة بفوائد عديدة أخرى تشمل:
- تحسين صحة القلب والأوعية الدموية: بفضل مضادات الأكسدة التي تحسن تدفق الدم وتقلل ضغط الدم.
- تحسين المزاج: حيث تحفز مادة “الثيوبرومين” إنتاج السيروتونين المسؤول عن تحسين الحالة النفسية.
- تعزيز وظائف الدماغ: تساعد مضادات الأكسدة في حماية خلايا الدماغ من التلف وتحسين التركيز.
تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الغذاء الصحي والوقاية من الأمراض المزمنة. إن تناول الشوكولاتة الداكنة باعتدال وبشكل منتظم قد يكون خيارًا بسيطًا وفعّالًا لتحسين الصحة وتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، شرط الابتعاد عن الأنواع الغنية بالسكر والدهون.
ولتجنب أي تأثيرات سلبية، ينصح خبراء التغذية باختيار الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على نسبة كاكاو لا تقل عن 70%، مع مراقبة الكميات المتناولة ضمن نظام غذائي متوازن.
