القهوة ليست مجرد مشروب مفضل للكثيرين، بل هي جزء من طقوس الصباح التي تهيئنا لبدء يوم جديد بطاقة وحيوية. لكن هل تساءلت يومًا عن التغيرات التي تحدث في جسمك بعد تناولك رشفة من القهوة؟ في هذا المقال نستعرض بالتفصيل كيف يؤثر الكافيين في الجسم ابتداءً من اللحظة الأولى التي تتذوق فيها القهوة وحتى مرور ساعات طويلة.
8:00 صباحًا: الرشفة الأولى… البداية الوهمية
مع أول رشفة من القهوة، يشعر الكثيرون بتحسن ملحوظ في المزاج وكأن الطاقة بدأت تتدفق في أجسادهم. ولكن هذا الشعور السريع لا يعود لتأثير بيولوجي للكافيين، وإنما هو مجرد “تأثير الدواء الوهمي”.
يقول الدكتور توماس ساندرز، أستاذ التغذية بجامعة كينجز كوليدج لندن:
“ما تشعر به في اللحظات الأولى هو تأثير نفسي بحت، لأن جسمك يحتاج إلى وقت لامتصاص الكافيين وإدخاله إلى مجرى الدم”.
يستغرق الكافيين حوالي 20 دقيقة ليبدأ فعليًا في العمل داخل الجسم، وهو ما سنراه لاحقًا.
8:20 صباحًا: زيادة معدل ضربات القلب والطاقة
بعد مرور 20 دقيقة من تناول القهوة، يبدأ الكافيين في التفاعل مع جسمك:
- زيادة في معدل ضربات القلب بسبب ارتفاع مستويات الأدرينالين.
- تحسن في مستويات التركيز والانتباه، مما يساعدك على مواجهة المهام اليومية بفعالية.
يُشبه الأمر دخول الجسم في وضع “القتال أو الهروب”، حيث ينشط الأدرينالين ويزيد الشعور باليقظة والنشاط. ويبلغ هذا التأثير ذروته في غضون ساعة من تناول القهوة.
لكن الأشخاص المصابين بمشاكل في القلب، مثل عدم انتظام ضربات القلب، يُنصحون بتجنب تناول كميات كبيرة من القهوة.
8:30 صباحًا: الحاجة إلى التبول
القهوة تُعد مدرًا طبيعيًا للبول؛ حيث تشعر بالحاجة إلى دخول الحمام بعد نحو نصف ساعة من شربها.
- بالرغم من أن الكافيين مدر للبول، إلا أن الدراسات تُؤكد أن شرب كميات معتدلة من القهوة لن يسبب الجفاف.
- بالنسبة للأشخاص الذين يُعانون من مشاكل المثانة أو البروستاتا، يُفضل تقليل كميات القهوة المستهلكة.
9:30 صباحًا: تحفيز حركة الأمعاء
من المعروف أن القهوة تُحفز الأمعاء وتُساعد على تحريك الفضلات بشكل أسرع، وهذا التأثير ليس بسبب الكافيين وحده؛ بل هناك مركبات أخرى موجودة في القهوة تؤدي لهذا التأثير حتى لو كانت القهوة منزوعة الكافيين.
يقول البروفيسور ساندرز:
“القهوة تُساهم في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بسبب تأثيرها على حركة الأمعاء”.
كما أشارت دراسات إلى أن القهوة تُساهم في:
- تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى 11% عند زيادة الاستهلاك المعتدل على مدى سنوات.
ومع ذلك، إذا كنت تُعاني من حرقة المعدة، فقد تُلاحظ زيادة في إفراز أحماض المعدة عند شرب القهوة السوداء.
11:00 صباحًا: الانهيار المفاجئ للطاقة
بعد مرور حوالي ثلاث ساعات من شرب القهوة، تبدأ مستويات الكافيين في الانخفاض تدريجيًا. في هذه المرحلة، قد تشعر بما يُعرف بـ”الانهيار المروع” والذي يتمثل في:
- التعب والإرهاق.
- الصداع.
- عدم القدرة على التركيز.
- الشعور بالانفعال والعصبية.
12:00 ظهرًا: الرغبة في جرعة جديدة من الكافيين
مع انخفاض مستويات الكافيين، يبدأ الجسم في “توقع” جرعة جديدة من الكافيين. هذا التوقع يُحرك رغبتك في تناول كوب آخر من القهوة بعد الظهر.
يشرح البروفيسور ساندرز قائلًا:
“عندما يعتاد دماغك على الكافيين، تتكيف المستقبلات العصبية معه، ويُصبح الجسم في حالة من الترقب لجرعة إضافية”.
هذا هو السبب وراء شيوع الرغبة في شرب القهوة مجددًا بعد ساعات قليلة من الكوب الأول.
هل القهوة مفيدة أم مضرة؟
بشكل عام، تشير الدراسات إلى أن القهوة تُوفر فوائد صحية عديدة عند تناولها باعتدال، ومن أبرزها:
- تحسين الأداء العقلي والبدني.
- تقليل خطر الإصابة بـمرض السكري.
- دعم صحة القلب والأوعية الدموية.
لكن من المهم أيضًا تجنب الإفراط في شرب القهوة، خصوصًا لمن يُعانون من مشاكل صحية مثل:
- ارتفاع ضغط الدم.
- مشاكل في المعدة أو القولون.
- اضطرابات النوم.
القهوة ليست مجرد مشروب صباحي، بل هي عنصر مؤثر في حياتنا الصحية والنفسية. تأثيرها يبدأ بعد دقائق من أول رشفة، ويستمر طوال اليوم ليؤثر على مستويات الطاقة، التركيز، وحتى صحة الأمعاء.
لكن المفتاح يكمن في الاعتدال؛ فكلما حافظت على استهلاك معتدل للقهوة، زادت فوائدها الصحية وقلّت آثارها الجانبية. فهل ستُفكر الآن قبل تناول كوبك الثاني من القهوة؟