الوسواس المرضي: الخوف الزائد من الأمراض وكيفية علاجه بالعلاج السلوكي

Waleed18 ديسمبر 2024Last Update :
الوسواس المرضي: الخوف الزائد من الأمراض وكيفية علاجه بالعلاج السلوكي

يعد الوسواس المرضي من الاضطرابات النفسية الشائعة التي يعاني فيها الأفراد من خوف زائد وغير مبرر من الإصابة بأمراض خطيرة، حتى مع غياب الدلائل الطبية المؤكدة. يُعرّف المدير الإداري لعيادة “ماي واي” للطب النفسي بألمانيا، كلاوس ديرك كامبز، هذا الاضطراب بأنه حالة من الانشغال المفرط بالأعراض الجسدية التي يتم تهويلها بشكل مبالغ فيه.

تهويل الأعراض ومراقبة الوظائف الجسدية

المرضى الذين يعانون من الوسواس المرضي غالبًا ما يفسرون الأعراض البسيطة كإشارات خطيرة على وجود أمراض تهدد حياتهم. على سبيل المثال، قد يُنظر إلى الصداع العادي كعلامة على وجود ورم دماغي، أو يتم اعتبار الشعور بالإجهاد البسيط دليلاً على فشل في وظائف القلب.

وبسبب هذا القلق المفرط، يصبح هؤلاء الأشخاص في حالة مراقبة دائمة لوظائفهم الجسدية، حيث يقيسون ضغط الدم، والنبض، ويتتبعون أي تغيرات جسدية بشكل متكرر ودون توقف. أي تغير طفيف، ولو كان غير مؤذٍ، يتم تضخيمه وتفسيره على أنه علامة تحذيرية من مرض خطير.

زيارات متكررة للأطباء والشك في النتائج

يواجه الأشخاص المصابون بالوسواس المرضي معضلة كبيرة مع تشخيص الأطباء، إذ يزورون أكثر من طبيب واحد بحثًا عن طمأنة، لكنهم سرعان ما يشككون في صحة الفحوصات والنتائج الطبية. قد يصل بهم الأمر إلى تجنب مواقف حياتية معينة، سواء كانت مهنية أو اجتماعية أو ترفيهية، خشية التعرض للمرض أو لأعراض محتملة. هذا التجنب يُقيّد حياتهم اليومية بشكل كبير ويمنعهم من التمتع بها.

وفي هذا السياق، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الوسواس المرضي سيكون جزءًا من التصنيف الجديد لاضطراب الوسواس القهري ضمن قائمة “ICD11″، مما يعكس الاعتراف المتزايد بأهمية هذا الاضطراب وتأثيره على الصحة النفسية والبدنية.

مخاطر عدم العلاج

إذا تُرك الوسواس المرضي دون علاج مناسب، فقد يؤدي إلى مشاكل نفسية أعمق مثل الاكتئاب الشديد ونوبات الهلع، مما يزيد من معاناة المريض ويعقد عملية العلاج. إذ يُعد الاكتئاب من الحالات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالخوف المزمن من الأمراض، حيث تتدهور الحالة المزاجية للمريض نتيجة التفكير المستمر في المرض والموت.

العلاج السلوكي: خطوة نحو التعافي

لحسن الحظ، يمكن التغلب على الوسواس المرضي من خلال اتباع العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعتبر الأكثر فعالية في التعامل مع هذا النوع من الاضطرابات. يعمل العلاج السلوكي على مساعدة المرضى في فهم جذور مخاوفهم المرضية والوعي بأفكارهم المبالغ فيها. يتم تدريبهم على تطوير استراتيجيات تكيف إيجابية تُمكنهم من مواجهة مخاوفهم بشكل تدريجي، وتقليل القلق الذي يُهيمن على حياتهم اليومية.

يهدف العلاج أيضًا إلى تعزيز القدرة على التمييز بين الأفكار الواقعية والتهويلات النفسية، مما يتيح لهم التمتع بحياة أكثر هدوءًا وطمأنينة بعيدًا عن القلق المرضي المستمر.

يُعد الوسواس المرضي تحديًا نفسيًا قد يعكر صفو حياة المصاب، لكن إدراك المشكلة وطلب العلاج في الوقت المناسب يمكن أن يغير مجرى الأمور. العلاج السلوكي هو الأداة الأنجع للتغلب على هذا الاضطراب والعودة إلى الحياة الطبيعية دون خوف مبالغ فيه من المرض.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News